مقالات ملهمة

اطلع على مجموعة واسعة من المقالات الحديثة في مختلف مجالات القيادة

قصة قائد: باني نهضة سنغافورة

قصة قائد: باني نهضة سنغافورة

يعتبره هنري كسينجر: «الزعيم الآسيوي الأوفر حكمةً». بينما يصف الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك التجربة قائلاً: "أنْ تنهض أمة من عتبة الوجود، إلى واحدةٍ من أعلى مستويات المعيشة بالعالم، في ثلاثين سنة، ليس بالإنجاز العادي، أساس هذا النجاح يكمن في عبقرية "لي كوان يو". ولد "لي كوان يو" في 16 سبتمبر/أيلول 1923 في سنغافورة وتوفي عام 2015. نشأ "لي كوان يو" وسط أسرة صينية استقرت في سنغافورة في القرن 19، وفي مذكراته، يشير "لي" إلى أصوله المهاجرة بوصف نفسه "سنغافوري صيني من الجيل الرابع".
درس "لي كوان يو" في أفضل المدارس الماليزية، وكان يحتل مراتب متقدمة في صفوف الدراسة، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية سافر الى بريطانيا لدراسة القانون في "جامعة كامبريدج" ثم عاد إلى بلاده التي كانت حينها مستعمرة بريطانية وساهم في النقاش حول قضايا الاستقلال وكتابة الدستور.  أسس "لي كوان يو" حزب العمل الشعبي مع رفاقه، وعين رئيساً له، ونجح في الوصول إلى منصب رئيس وزراء سنغافورة وعمره 35 عاماً في 1959 بفارق صوت واحد فقط، ولم يترك المنصب إلا عام 1990. قاد تيار انفصال سنغافورة عن ماليزيا ونجح في عام 1965 وكانت النتيجة أن تحولت سنغافورة إلى جمهورية قائمة بذاتها. ونَقل عنه رفاقه أنه كان يطمح في وحدة ماليزية سنغافورية كبديل عن الانفصال، لكن ذلك المسعى فشل، وأنه لحظة الإعلان عن انفصال سنغافورة أجهش بالبكاء.

بعد الانفصال عن ماليزيا: معاناة سنغافورة

عانت سنغافورة بعد انفصالها عن ماليزيا عام 1965 من أزمة عميقة شملت كافة جوانب الحياة حيث واجهت الدولة الصغيرة تحديات ضخمة، أهمها الاعتماد على موارد خارجية لأن سنغافورة كانت تعتمد بشكل كبير على ماليزيا في توفير العديد من احتياجاتها الأساسية، مثل المياه والغذاء والمواد الخام، فأدى الانفصال إلى نقص حاد في هذه الاحتياجات، مما قاد البلاد إلى تفاقم الفوضى والبطالة والفقر. أيضاً عانت البلاد من نقص الموارد الطبيعية حيث أن سنغافورة  تفتقر إلى الموارد الطبيعية، مثل التربة الخصبة والمياه العذبة لذلك كان عليها استيراد هذه المواد من دول أخرى، مما زاد من عبء التكاليف على الدولة. من جانبٍ آخر، عانت سنغافورة من التخلف الثقافي المتمثل في ضعف التعليم والثقافة، مما أدى إلى انتشار الفوضى والسلوكيات غير الحضارية مثل رمي القمامة في الشوارع.
من هنا كان على الدولة أن تتعامل مع هذه التحديات بشكل حازم. وكان أهم ما قامت به هو فرض القوانين الصارمة ومنها قوانين للحفاظ على النظام والنظافة العامة وتم فرض عقوبات قاسية على المخالفين، مما ساعد على تحسين سلوكيات الناس. أيضاً اتبعت سنغافورة خططًا تنموية استراتيجية لتنويع اقتصادها وخلق فرص عمل جديدة وركزت على تطوير قطاعات التكنولوجيا والتصنيع، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية. كما خصصت سنغافورة ميزانية كبيرة للتعليم لتحسين مستوى المعرفة والثقافة في المجتمع.

 

0 تعليقات

شارك من خلال تعليق