مقالات ملهمة

اطلع على مجموعة واسعة من المقالات الحديثة في مختلف مجالات القيادة

أين شركة “نوكيا” اليوم؟

أين شركة “نوكيا” اليوم؟

شركة “نوكيا” (Nokia Corporation) هي شركة عالمية متخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتعتبر واحدة من أبرز الشركات في هذا المجال على مستوى العالم. تأسست “نوكيا” في عام 1865 على ضفاف نهر "“نوكيا”نفيرتا" بفنلندا، وأخذت اسمها من هذا النهر. لم تبدأ الشركة كعملاق في إنتاج الهواتف المحمولة بل كانت متخصصة في صناعة الورق حيث كانت الشركة تنتج لب الورق في فنلندا. قام "فريدريك إيدستام" بإنشاء هذا المصنع آنذاك وبعد بضع سنوات في عام 1871، بمساعدة صديقه ليو ميكيلين، تحولت شركة لب الورق إلى شركة مساهمة وبعد ذلك، جاء اسم “نوكيا” إلى السوق.

قامت “نوكيا” بتحول كبير في السبعينيات حيث بدأت في العمل في مجال صناعة الإلكترونيات وركزت على تطوير وتصنيع أنظمة الاتصالات اللاسلكية والهواتف المحمولة. ومنذ ذلك الحين، أصبحت “نوكيا” رائدة في صناعة الهواتف المحمولة والبنية التحتية للاتصالات. من أهم نقاط قوة “نوكيا” في أوجها هي التاريخ والخبرة الطويلة في صناعة الاتصالات. لقد كانت “نوكيا” في السابق تسيطر على حصة كبيرة من سوق الهواتف المحمولة عالميًا، وكانت تتميز بتصميمات عصرية وجودة صناعية عالية. كما كان لديها سجل حافل في الابتكار وتقنيات الاتصالات، حيث قامت بتطوير تقنيات مبتكرة مثل تقنية GSM وتقنية LTE. وفي مدينة هلسنكي في فنلندا في الأول من يوليو عام 1991، تم إجراء أول مكالمة هاتفية عبر تقنية GSM في العالم وقد تمت المكالمة من قبل رئيس الوزراء الفخري لفنلندا، السيد "هاريس هولكيري"، باستخدام هاتف من طراز شركة “نوكيا”.

بالإضافة إلى ذلك، امتلكت “نوكيا” شبكة توزيع وتسويق واسعة النطاق على مستوى العالم، مما جعلها تستطيع توزيع منتجاتها بسهولة في مختلف الأسواق العالمية. ووفقًا لاستطلاع تم اجراءه عام 2006، كانت “نوكيا” هي الشركة العشرون الأكثر حصولاً على الإعجاب في العالم.

تجسدت قوة “نوكيا” أيضًا في التزامها بالابتكار المستمر والبحث والتطوير، حيث تستثمر بشكل كبير في تطوير تقنيات جديدة وتحسين منتجاتها لتلبية احتياجات وتطلعات العملاء في عالم يتسم بالتطور التكنولوجي السريع. وعلى مدى السنوات الأخيرة، شهد العالم الرقمي تحولات هائلة وتطورات سريعة، وكانت شركة “نوكيا” واحدة من الشركات التي شهدت تأثيرًا كبيرًا جراء هذه التغييرات. ففي العقد الماضي، كانت “نوكيا” تعتبر العملاقة في صناعة الهواتف المحمولة، ولكن مع مرور الوقت، تراجع موقعها واضطرت إلى مواجهة التحديات التي أدت في النهاية إلى إفلاسها. لنلقي نظرة على بعض الأسباب التي أدت إلى إفلاس “نوكيا”:

1. فقدان التنافسية في سوق الهواتف الذكية: منذ ظهور أول هاتف ذكي، شهدت الصناعة تغيرات هائلة، ومع ذلك، فشلت “نوكيا” في التكيف بشكل كافٍ مع هذا التحول. بينما كانت تركز “نوكيا” على أجهزة الهواتف القديمة التقليدية، تقدمت الشركات المنافسة مثل Apple وSamsung  بتقنيات جديدة ومبتكرة في هواتفها الذكية، مما أدى إلى فقدان “نوكيا” لمكانتها السابقة في السوق.

2. تأخر في اعتماد نظام التشغيل الجديد: كانت “نوكيا” تعتمد بشكل رئيسي على نظام التشغيل Symbian الذي تميز به هواتفها لفترة طويلة، في حين أن الشركات المنافسة بدأت تعتمد على أنظمة تشغيل أكثر تطورًا مثل iOS وAndroid . هذا التأخر في اعتماد نظام تشغيل جديد ومبتكر أثر سلبًا على تجربة المستخدم وجعل العملاء يتجهون نحو الهواتف التي تعتمد على أنظمة تشغيل أكثر شعبية ودعمًا.

3. إدارة غير فعالة للاستراتيجية: تباطأت “نوكيا” في تبني استراتيجيات ابتكار تنافسية جديدة وفعالة لمواجهة التحديات في سوق الهواتف المحمولة، فلم تتمكن الشركة من التكيف بسرعة مع التغيرات السريعة في السوق وفقدت قدرتها على إبهار المستهلكين بالابتكارات والتحديثات الجديدة.

4. فقدان التركيز على البحث والتطوير: في حين كانت “نوكيا” تتبنى سياسة التكرار وتحسين التكنولوجيا القديمة، كانت الشركات المنافسة تستثمر بشكل كبير في البحث والتطوير لإطلاق تقنيات جديدة ومبتكرة، مما أدى إلى تقدم “نوكيا” ببطء وفقدانها للقدرة على المنافسة في السوق العالمية.

 بسبب كل ما ورد أعلاه تراجعت مبيعات “نوكيا” بشكل حاد، الأمر الذي أدى إلى خسائر كبيرة للشركة. وفي عام 2013، اتفقت “نوكيا” على بيع وحدة تصنيع الهواتف المحمولة إلى مايكروسوفت، مما أدى إلى انسحابها من صناعة الهواتف المحمولة تمامًا. بعد الصفقة، تحولت “نوكيا” إلى العمل في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأخرى مثل البنية التحتية للشبكات والأنظمة الذكية وخدمات الخرائط والمواقع. وهكذا، انتهت مسيرة “نوكيا” في صناعة الهواتف المحمولة، واستحوذت مايكروسوفت على وحدة تصنيع الهواتف المحمولة في صفقة بلغت قيمتها حوالي 7.2 مليار يورو.

بشكلٍ عام، فإن مجموعة من العوامل، بما في ذلك فقدان القدرة على الابتكار لتعزيز التنافسية، وتأخر في التكيف مع التطورات التكنولوجية، وسوء إدارة الاستراتيجية، كانت أسباباً رئيسية لانتهاء شركة عملاقة مثل “نوكيا” كان لديها مكانة متقدمة في عالم الأعمال ولكنها انتهت.

 

0 تعليقات

شارك من خلال تعليق