الذكاء الاصطناعي في العمل الحكومي

هل سمعت بمشروع "GovTech Catalyst" الذي يهدف إلى دعم الابتكار التكنولوجي في الحكومة البريطانية؟ يستخدم هذا المشروع التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات لتحسين الخدمات الحكومية وتسهيل عمليات الحكومة. من خلال GovTech Catalyst، تم إطلاق تحديات تقنية محددة يمكن للشركات الناشئة والمبتكرة تقديم حلول لها باستخدام التكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، قد تشمل هذه التحديات تحسين النقل العام، تحسين الرعاية الصحية، وتعزيز الأمن السيبراني. باستخدام تحليل البيانات الضخمة والتعلم الآلي، يمكن للحكومة البريطانية استخدام البيانات بشكل أكثر فعالية لتوجيه السياسات واتخاذ القرارات الأفضل. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الصحية وتحديد الاتجاهات والتوجيهات الصحية للمستقبل، أو لتحليل بيانات النقل العام لتحسين الجدولة والتخطيط. بهذه الطريقة، يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة الحكومة وتقديم خدمات أفضل للمواطنين في بريطانيا، ويعزز التفاعل الإيجابي بين الحكومة والمواطنين.

يُمثل توظيف الذكاء الاصطناعي في العمل الحكومي تطورًا هامًا في كيفية تقديم الخدمات الحكومية وإدارة الشؤون العامة. إليك بعض الطرق التي يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الحكومي:

1. تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة المواطنين عبر تطبيقات وخدمات حكومية ذكية. على سبيل المثال، يمكن تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في مراكز الاتصال الحكومية لتوفير خدمة العملاء عبر الهواتف أو الدردشة الحية. ومن الدول التي تميزت بتوظيف الذكاء الاصطناعي في الخدمات الحكومية دولة كندا، حيث قامت الحكومة في "مقاطعة أونتاريو" على سبيل المثال، باستخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير تطبيقات الصحة الرقمية التي توفر معلومات صحية دقيقة وشاملة للمواطنين. ويتم استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الصحية وتوفير توجيهات للمرضى بشكل فعال وسريع. أما في "مدينة تورنتو"، فيتم استخدام الذكاء الاصطناعي في مركز الاتصال الحكومي لتوجيه الاستفسارات وتقديم الدعم للمواطنين في شتى المواضيع، مما يساهم في تقليل وقت الانتظار وزيادة كفاءة الخدمة. بالإضافة الى استخدام العديد من الجهات الحكومية في كندا تقنيات الذكاء الاصطناعي في نظم مراقبة الأمن العام، مثل التعرف على الوجوه والمراقبة الذكية، لتحسين مستوى الأمان والحفاظ على النظام العام.

2. تحليل البيانات واتخاذ القرارات: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل كميات ضخمة من البيانات الحكومية لاستخراج الأنماط والاتجاهات وتوفير توجيهات لاتخاذ القرارات السياسية والإدارية الأفضل.  في فرنسا مثلاً، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الحكومية واتخاذ القرارات بشكل فعال، حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الصحية الضخمة المتعلقة بالمرضى والمعالجات والأمراض. على سبيل المثال، يتم تحليل السجلات الطبية الإلكترونية وبيانات الأدوية لاكتشاف الاتجاهات الصحية وتوجيه السياسات الصحية وتخطيط الموارد بشكل أفضل. كما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات النقل العام، مثل تحركات الحافلات والقطارات وحركة المرور، لتحسين جدولة الرحلات وتوجيه حركة المرور بشكل أكثر كفاءة وتجنب الازدحامات. أيضاً تقوم فرنسا باستخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الجغرافية، مثل الطقس والمناطق المعرضة للكوارث الطبيعية، لتوجيه الاستجابة الطارئة وتخطيط الطوارئ بشكل أفضل.

3. الأمن ومكافحة الجريمة: يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير أنظمة مراقبة ذكية لمكافحة الجريمة وزيادة الأمن العام، بما في ذلك التعرف على الوجوه والتحقق من الهوية ومراقبة الأنماط الغير طبيعية في الأنشطة العامة. في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، تم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الأمن ومكافحة الجريمة بشكل واسع. حيث تم في مدن كبرى مثل "نيويورك" و"لوس أنجلوس" و"شيكاغو"، استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير أنظمة مراقبة ذكية إذ يتم استخدام الكاميرات المزودة بتقنيات التعرف على الوجوه والتحليل الذكي للصور لمراقبة الأنشطة العامة والتعرف على الأنماط غير الطبيعية والتحذير من الجرائم المحتملة. وفي مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة تستخدم وكالات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الضخمة المتعلقة بالإرهاب والجريمة المنظمة، مما يساعدهم في اكتشاف الأنماط والاتجاهات والتنبؤ بالهجمات المحتملة واتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة. أيضاً يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الجنائية لاستخراج الأنماط والاتجاهات وتحديد الجرائم الشائعة والمناطق المعرضة للخطر.

4. تحسين الإدارة والعمليات الحكومية: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين عمليات إدارة الموارد البشرية وتخطيط الموارد وتحسين الكفاءة في العمليات الحكومية المختلفة. في "حكومة النمسا" مثلا، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الموظفين وتقديم توجيهات لتحسين عمليات إدارة الموارد البشرية في القطاع الحكومي. على سبيل المثال، يقوم نظام الذكاء الاصطناعي بتحليل أداء الموظفين والمهارات المطلوبة لكل وظيفة، وبناءً على هذه البيانات، يتم توجيه الإدارة لاتخاذ قرارات بشأن التعيين والترقية والتدريب بشكل أكثر فعالية وفاعلية.

5. توفير الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية: يمكن استخدام التقنيات الذكاء الاصطناعي في تقديم خدمات صحية وتعليمية واجتماعية أكثر فعالية وتكلفة من خلال تحليل البيانات الصحية وتوجيه الرعاية والتعليم بناءً على الاحتياجات الفردية. في "إيطاليا"، يتم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقديم خدمات صحية وتعليمية واجتماعية أكثر فعالية وتكلفة. فمثلاً يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الصحية الضخمة، مثل سجلات المرضى والتشخيصات الطبية وتحليلات الأدوية، لتحديد الاتجاهات الصحية وتوجيه الرعاية الصحية بشكل أفضل وأكثر فعالية. كما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الطلاب وأداءهم الأكاديمي لتحديد الاحتياجات التعليمية الفردية وتوجيه الدروس والموارد التعليمية بشكل أفضل. أما في مجال الخدمات الاجتماعية فيتم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الأفراد والعائلات المستفيدين من الخدمات الاجتماعية، مثل الإعانات والدعم الاجتماعي، لتحديد الاحتياجات وتوجيه الموارد بشكل أكثر فاعلية.

6. تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير أنظمة تحليل البيانات لرصد ومراقبة النشاطات المالية والإدارية لتحسين الشفافية ومكافحة الفساد في القطاع الحكومي. تحتل الدنمارك المرتبة رقم واحد عالمياً في مؤضر مدركات الفساد وذلك يُعزى جزئياً لتوظيف الذكاء الاصطناعي في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في القطاع الحكومي. فمثلاً تقوم "الدنمارك" بتحليل البيانات المالية والإدارية باستخدام الذكاء الاصطناعي لرصد النشاطات غير المشروعة أو غير المألوفة التي قد تشير إلى وجود فساد أو سوء تصرف في القطاع الحكومي حيث يتم تحليل نماذج الإنفاق والإيرادات لتحديد الانحرافات غير العادية والتحقق منها. كما تقوم "السلطات الدنماركية" برصد ومراقبة الأنشطة الحكومية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل عمليات المناقصات والصفقات العامة وعمليات الإعانات، للتأكد من عدم وجود تلاعب أو فساد في هذه العمليات. بالاضافة الى تحليل بيانات السلامة والتقارير الحكوميةباستخدام الذكاء الاصطناعي مثل تقارير الرقابة والتفتيش، لتحديد الانتهاكات المحتملة والسلوكيات غير القانونية وتوجيه الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

بشكلٍ عام، يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تحسين كفاءة وفعالية الخدمات الحكومية وتعزيز التفاعل مع المواطنين وتحقيق أهداف التنمية المستدامة والشاملة. ومع ذلك، يجب أن تكون هذه التطبيقات مدروسة بعناية لضمان الأمان والخصوصية وتجنب التمييز والانحياز.